فتح والإصرار على الإنهيار


بقلم: د. إبراهيم حمّامي


بعد حلقة الأربعاء على قناة (الجزيرة) حول انتصار غزة، تطوَّع أحد من يعتقدون أنه شاعر ومثقف بإرسال نص خبر من موقع أصفر معروف، ردًّا على ما ذكرته في البرنامج المشار إليه، وكأنه قد اكتشف اكتشافًا مذهلاً، وكأنه قد وضع حصوة في عيني العبد الفقير.



وحقيقةً.. لم أستغرب لا منه ولا من الموقع الذي نقل عنه، ولا لنص النفي أو "التكذيب" المذكور، لكن ما استوقفني أنهم تركوا كل ما ورد في الحلقة من تآمر أسيادهم وأرباب نعمتهم، من توثيق وتدقيق لمراحل انتصار غزة، وتعلقوا بموضوع الاعتداء على عناصر حركة فتح، وهو ما سبق ونفاه إبراهيم أبو النجا نفيًا قاطعًا، ليعلنوا أن الاستشهاد بما قاله أبو النجا لا أساس له من الصحة، أي إنني- وحسب اعتقادهم- "كذبت"، وبالتالي استوجب الأمر إثبات كذبهم أولاً، ومن ثم التعليق على عنوان الموضوع وإصرار فتح على الانهيار.



حتى لا أطيل نبدأ بنص البيان المنسوب إلى إبراهيم أبو النجا:

"قال إبراهيم أبو النجا مفوض الإعلام والتعبئة الفكرية في اللجنة القيادية العليا لحركة فتح لـ"معًا" إن أربعة إلى ثمانية من عناصر حركة فتح قتلوا أثناء الحرب على أيدي حماس، رافضًا الكشف عن أسماء هؤلاء.



وأكد أبو النجا أن اعتداءات من قِبل حماس مورست ضد بعض أبناء حركة فتح، وأن بعضهم أُطلقت النيران على أقدامهم، وبعضهم فرضت عليهم الإقامات الجبرية، وآخرين تعرضوا للاعتقال لمرات متتالية لا لمرة واحدة، وأنه تم أمس فرض الإقامة الجبرية على كثيرين آخرين؛ منهم أحمد نصر عضو اللجنة القيادية العليا لفتح بغزة.



وطالب أبو النجا بوقف هذه الممارسات، كالاعتقالات، وكذلك وقف الحملات الإعلامية المضادة، والإفراج عن المعتقلين قائلاً: "إن هذه الممارسات لا تؤسس لعمل يساعد في الحوار الوطني وصولاً إلى إنهاء حالة الانقسام والوحدة الوطنية، وإن هذه الممارسات تناقض ما جاء في الورقة المصرية، والتي وافقت عليها الفصائل كافة".



"وكان أبو النجا قد نفى تصريحات إبراهيم الحمامي في برنامج (الاتجاه المعاكس)، والذي بثته فضائية (الجزيرة) القطرية الأسبوع الماضي، وجدد أبو النجا استنكاره وتنديده بكل الممارسات التي يتعرض لها أبناء حركة فتح في قطاع غزة.



وأكد أبو النجا أنه ومنذ نشر ادعاءات نسبت له تقول إن أبناء فتح لا يتعرضون للتعذيب والقمع من قِبل حماس كان قد نشر نفيًا قاطعًا لها في حينه في الكثير من المواقع الإخبارية، مشددًا على رفضه كل تصرف خارج عن تقاليد أبناء شعبنا الفلسطيني وثقافته".



ومن حقنا اليوم أن نتساءل:

* إن صدقت صحة البيان المنسوب لأبو النجا، من الذي يكذب؟! أبو النجا أم وكالات الأنباء؟!

* من خلال الخبرة الشخصية فإن التصريحات لأية وكالة تكون مسجلة بالصوت على الأقل، فهل نسي أبو النجا ذلك؟!

* الخبر يتحدث عن تصريحات في مؤتمر صحفي، فهل يعقل أن تكذب وكالات الأنباء على لسان مسئول يتحدث في مؤتمر صحفي؟!

* ما هي الضغوطات التي تعرض لها أبو النجا ليتراجع ويكذب نفسه؟! وهل جاءت من نفس المجموعة التي حلقت له شاربه وشعر رأسه؟!

* إذا كان البيان الأخير غير صحيح فإن المطلوب من أبو النجا تكذيب تكذيبه؛ حتى لا يكون هو الكاذب الوحيد في هذه المعمعة.



أما بالنسبة لعنوان الموضوع، فإننا نأسف أن حركة قادت النضال الوطني لعقود، وقدمت الشهداء، تنحدر إلى هذا المستوى القيادي المهين، وكأنها عجزت عن إنجاب الرجال ليتولَّى أشباه الرجال قيادتها نحو الهاوية، ويحق لنا أيضًا أن نتساءل: كيف يمكن لحركة نضال وطني أن تتحمل سيل الأكاذيب الرسمية ومن أعلى المستويات في هرمها السياسي الهَرِم؟! ألم يستمع أبناء فتح ومن بقي فيها من الشرفاء للناطقين والقياديين فيها وهم يكذبون وتنفضح أكاذيبهم؟! إن نسيتم فاسمحوا لي بتذكيركم:

* راجعوا ما كتبنا تحت عنوان "سيادة الرئيس الكاذب".

* تصريحات أحمد عبد الرحمن يوم 28/12/ 2008م وبعد قصف سجن السرايا، والتي ذكر فيها أن "العشرات" من أبناء فتح قتلوا بعد رفض الشرطة إطلاق سراحهم، لنكتشف أنه لم يقتل ولا حتى شخص واحد في ذلك القصف؛ لأنه سبق وأن أُخليَ السجن، وعلى أحمد عبد الرحمن نشر أسماء من قتلوا حسب زعمه لو كان صادقًا.

* عندما يعلن الناطق الجديد لفتح- وهو من خارجها- ياسر عبد ربه، وقبله الهباش، عن سرقة شاحنات الأونروا من قِبل مسلحين، فتنفي الأونروا ذلك جملةً وتفصيلاً وأكثر من مرة.

* قبلها قالوا إن "حماس تعتقل المئات" من أبناء فتح في سجونها، وعندما شكلت لجنة وطنية لإغلاق ملف المعتقلين السياسيين تقدمت فتح بعد أن عصرت كل ما لديها بقائمةٍ من 49 اسمًا فقط؛ جُلُّهم من المجرمين والحشاشين.

* ألم تتبنَّ فتح المجرمين كمناضلين أبطال كما فعلت مع المحكوم بالإعدام من قِبل فتح نفسها حيدر غانم، ومع مروجي المخدرات سابقاً؟!



الأمثلة كثيرة وكثيرة عن سيل الأكاذيب المستمر دون توقف، ومحاولات التشويه الدءوبة، فمتى تتخلص فتح من هؤلاء الذين باتوا عارًا علينا جميعًا كي تنظف نفسها وتتطهر من الخبث والخبائث؟! أم أنها فعلاً عقمت من الرجال؟!



قبل أن نختم نؤكد أنه لا يحق لأحد أن يتهجَّم أو يعاديَ حركة فتح، ولا أن يطعن في عطائها، لكننا اليوم نقف مشدوهين أمام صمت أحرار فتح عن اختطاف حركتهم من قِبل مجموعة انحرفت بها وشوهتها، زمرة استمرأت الكذب والانحراف والسقوط الأخلاقي والسياسي، أين أنتم يا أحرار وشرفاء فتح؟!

في انتظار الرد.

--------

* DrHamami@Hotmail.com

0 تعليقات الزوار:

إرسال تعليق